في عام 2018م، وفي إطار سعي المملكة العربية السعودية لتنويع مصادر الدخل، تم تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة؛ والتي تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز الإيرادات الحكومية وتحقيق التوازن المالي خاصة بعد انخفاض أسعار النفط، ونظرًا لدورها الملموس في الميزانية العامة، تُعتبر ضريبة القيمة المضافة ركيزة أساسية للدخل بالنسبة للعديد من الاقتصادات؛ لذا سنتناول في هذا المقال تأثير ضريبة القيمة المضافة على الأعمال داخل نطاق المملكة السعودية.
ما هي ضريبة القيمة المضافة؟
هي ضريبة غير مباشرة مفروضة على كل السلع والخدمات ــ مع وجود استثناءات ــ في كل مراحل الإنتاج والتوزيع والبيع التي تتم داخل حدود الدولة حتى تصل للمستهلك النهائي، كما تلتزم بالضريبة أيضًا الشركات التي تورد خدمات أو منتجات للمملكة، وتُحصّل هذه الضريبة عبر مراحل متعددة من سلسلة التوريد؛ حيث تلعب الشركات دور الوسيط في جمع الضريبة بين المستهلكين وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك.
وتحصل الشركات ضريبة القيمة المضافة عندما تبيع منتجاتها أو خدماتها (ضريبة المخرجات) وتكون من ضمن إيرادات الشركة لحين تحويلها لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، كما تدفع الشركات أيضًا ضريبة القيمة المضافة عندما تشتري سلع أو خدمات من جهة أخرى (ضريبة المدخلات)، ويمكن للشركة استرداد هذه الضريبة عند تقديم الإقرار الضريبي، وفقًا للأنظمة المعمول بها.
وبدأ فرض ضريبة القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية بنسبة 5% في عام 2018م وتم زيادتها في عام 2020م لتبلغ 15%، وتكون تلك الضريبة إجبارية إذا زادت المبيعات عن 375 الف ريال واختيارية، إن زادت عن 187.5 الف ريال دون أن تتجاوز 375 ألف ريال
تأثير ضريبة القيمة المضافة على الأعمال في السعودية
لا يقتصر تأثير ضريبة القيمة المضافة على الجانب الضريبي للأعمال فقط، بل يمتد ليشمل جوانب مثل العمليات المحاسبية، التدفقات النقدية، التسعير، قرارات شراء المستهلك، مع وجود بعض الآثار الإيجابية لهذه الضريبة، نذكر كافة هذه التأثيرات فيما يلي بشيء من التفصيل:
1. تأثير ضريبة القيمة المضافة على الالتزامات المحاسبية والإدارية
تعتبر أول التأثيرات التي تحتمها الضريبة على الأعمال هي الالتزامات الإدارية الجديدة؛ فإذا تجاوزت إيرادات المنشأة سنويًا حد الالتزام بضريبة القيمة المضافة، يجب أن تُسجل المنشأة في نظام ضريبة القيمة المضافة في هيئة الزكاة والضريبة والجمارك؛ مما يترتب عليه إلزام الأعمال بإصدار فواتير ضريبية مفصلة بتاريخها ورقم التسجيل وقيمة الضريبة؛ وبهذا تكون ملزمة بالطبع بتقديم إقرارات ضريبية دورية، والتي قد تكون شهرية أو ربع سنوية، ويلزم لتطبيق ذلك بالطبع نظامًا محاسبيًا دقيقًا.
2. تأثير ضريبة القيمة المضافة على التدفق النقدي
ويمتد تأثير ضريبة القيمة المضافة إلى التدفق النقدي في الأعمال أيضًا؛ حيث يتعين على المنشأة دفع ضريبة القيمة المضافة على مشترياتها مقدمًا (ضريبة المدخلات) ثم استردادها لاحقًا من خلال الإقرارات الضريبية التي تقدمها؛ ويترتب على ذلك وجود تحديات في التدفق النقدي بالنسبة للشركات ذات رأس المال المحدود، أو التي تعتمد على البيع الآجل أو لديها فترات تحصيل طويلة؛ الأمر الذي يتسبب في حدوث فجوة نقدية.
ولهذه الأسباب، يجب أن تمتلك المنشأة إدارة دقيقة تضمن لها قدرتها على سداد الضرائب في موعدها ودون التأثير على سير العمليات اليومية.
3. تأثير ضريبة القيمة المضافة على التسعير والتكاليف
ويكون تأثير ضريبة القيمة المضافة مباشرًا على عملية التسعير؛ حيث تكون الضريبة في هذه الحالة عبئًا على تكلفة المنتجات؛ فتضطر الشركات لرفع أسعار منتجاتها وخدماتها حتى تستوعب ضريبة القيمة المضافة، وكذلك تكلفة تحديث الأنظمة المحاسبية وتوظيف وتدريب الكوادر المعنية بشؤون ضريبة القيمة المضافة.
ويترتب على ذلك تأثر هامش الربح؛ فقد تفقد الشركات نسبة من عملائها لصالح المنافسين إذا ما قامت بتحميلهم كافة التكاليف السابق ذكرها؛ لذا تضطر الشركات لتحمل نسبة من الضريبة؛ ولهذا يجب أن توازن الشركات عند توزيع عبء الضريبة للحفاظ على مكانتها بين المنافسين؛ فلا تقوم بتحمله كاملًا فتحد من أرباحها، ولا تقوم بتحميله كاملاً على المستهلك فتخسر موقعها التنافسي.
4. تأثير ضريبة القيمة المضافة على قرارات الشراء
وبما أن ضريبة القيمة المضافة تعني الزيادة المباشرة في أسعار السلع والخدمات؛ إذًا يمكننا اعتبارها بمثابة عبء إضافي على ميزانية المستهلك؛ الأمر الذي يغير من أولويات الإنفاق بالنسبة لبعض المستهلكين؛ فسوف يميل البعض لبدائل أرخص، أو تأجيل بعض عمليات الشراء، أو حتى الاستغناء عنها نهائيًا.
ويؤثر ذلك بدوره على مبيعات الشركات التي تقدم منتجات غير ضرورية أو خدمات تندرج تحت تصنيف الرفاهية، وذلك على عكس مبيعات السلع الضرورية التي قد لا تتأثر كثيرًا لصعوبة الاستغناء عنها، وانخفاض الطلب على السلع يجبر الشركات بالتأكيد على خفض أسعارها وبالتالي انخفاض ربحيتها؛ الأمر الذي تحدثنا عنه في النقطة السابقة.
5. تأثير ضريبة القيمة المضافة على الشركات الصغيرة والمتوسطة
وتتأثر الشركات الصغيرة والمتوسطة بضريبة القيمة المضافة أكثر من الشركات الكبرى؛ حيث تتصدر قلة الموارد كعامل أساسي لهذه المشكلة؛ حيث أن توافر فريق متخصص ومدرب للتعامل مع الضريبة بالإضافة لبرامج محاسبية يتطلب رأس مال وموارد باهظة الثمن؛ والتي لا تمتلكها هذه الشركات على الأغلب.
كما يحتاج إكمال إجراءات التسجيل الضريبي وإصدار الفواتير لبعض الخبرة؛ وهذا أيضًا قد لا يتوفر في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويكون التحدي الأكبر في مثل هذه الشركات في نقطة التسعير؛ حيث تضطر الشركات للاختيار ما بين مصلحة العميل وبين هامش ربح الشركة، والسعي لمواجهة تلك المعضلة بما لا يزعزع وجودها بين المنافسين الكبار كما ذكرنا في النقطة الثالثة.
6. تأثيرات إيجابية لضريبة القيمة المضافة
وبرغم التحديات التي تفرضها ضريبة القيمة المضافة والتي سبق تناولها، إلا أن لها بالطبع بعض الإيجابيات، نذكرها فيما يلي:
- جودة ودقة الأعمال المحاسبية: حيث تُلزم الضريبة الشركات بتحديث إدارتها المالية وتسجيل كل عملية بدقة؛ مما يجعل الشركة أكثر تنظيمًا.
- زيادة المصداقية مع العملاء: حيث أن إصدار فواتير لتوثيق كل عملية بيع أو شراء يعد دليلًا على شفافية الشركة؛ الأمر الذي يزيد من ثقة العميل فيها.
- استرداد ضريبة المدخلات: تستطيع الشركات أن تسترد ضريبة القيمة المضافة على مشترياتها مهما كان حجمها؛ مما يرفع بعض العبء عنها.
- التنافس العادل: يمنع نظام ضريبة القيمة المضافة الشركات من التهرب الضريبي؛ ذلك لأنه يسري على الجميع؛ الأمر الذي يجعل المنافسة شريفة في السوق.
نصائح للتكيف مع تأثير ضريبة القيمة المضافة
والآن إليك أبرز النصائح التي تساعدك على التكيف مع تأثير ضريبة القيمة المضافة على جوانب عملك:
- التسجيل فور تخطي حد الإلزام ودفعها في مواعيدها المحددة لتجنب الغرامات.
- تعيين مستشارًا ضريبيًا لتحقيق أقصى فائدة وتجنب الأخطاء.
- تدريب المحاسبين على نظام الضريبة وكيفية إدخال البيانات المطلوبة بشكل صحيح.
- الاستثمار في برنامج محاسبي لتسهيل الأعمال المحاسبية وجعلها أكثر دقة.
- إدارة التدفقات النقدية بفاعلية لضمان عدم تأثر سيولة التشغيل بسداد الضرائب.
- تسعير المنتجات بتوازن لضمان عدم تزعزع التنافسية أو الربح.
- متابعة تحديثات النظام الضريبي باستمرار لمواكبة التغيرات.
إدارة ضريبة القيمة المضافة دون عناء مع أكفليكس ERP
حصّن عملك من الغرامات وعزز من كفاءته المالية مع أنظمة أكفليكسERP المحاسبية المتكاملة، المعتمدة من هيئة الزكاة والدخل السعودية، والتي تغنيك عن تعقيدات ضريبة القيمة المضافة ومواجهة التحديات المحاسبية.
تضمن لك أنظمة أكفليكس مواكبة المتطبات الضريبية والامتثال الأمثل للوائح هيئة الزكاة والضريبة والجمارك؛ حيث تسهل تسجيل الفواتير الضريبية، تسرع من إجراءات إعداد الإقرارات الضريبية، كما تعزز من دقة السجلات وتقلل الأخطاء وتوفر الوقت والجهد. استعد الآن للتحول الرقمي الذكي مع أنظمتنا الأذكى في عالم الضرائب.
الملخص
تمثل ضريبة القيمة المضافة واحدة من أهم التحولات الاستراتيجية في مسار الاقتصاد السعودي؛ حيث أسهمت في تنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتمادية على النفط بعد انخفاض أسعاره؛ وبالتالي تعزيز الاستقرار المالي. ورغم التحديات التي تفرضها ضريبة القيمة المضافة على الأعمال، خاصة فيما يتعلق بالالتزامات المحاسبية والتدفق النقدي والتسعير، إلا أن تأثير ضريبة القيمة المضافة قد فرض واقعًا جديدًا في شتى جوانب الأعمال، واقعًا أكثر تنظيمًا والتزامًا ودقة واحترافية، أكثر عدالة في المنافسة، وأقل عرضة للتهرب الضريبي.
ولكي تنجح الشركات في التكيّف مع هذا النظام، ينبغي عليها الاستثمار في التوعية والتدريب، واستخدام الأنظمة المحاسبية المناسبة، وإدارة عملياتها المالية بكفاءة؛ وبالتالي، فإن ضريبة القيمة المضافة ليست مجرد عبء ضريبي، بل فرصة لتطوير بنية العمل وتعزيز استدامته على المدى الطويل.
وفي النهاية، فإن ضريبة القيمة المضافة ليست مجرد التزام قانوني، بل أداة تُمكّن للشركات من تطوير إدارتها وطرق تشغيل أعمالها، وبناء ثقة أكبر مع عملائها، ومع مرور الوقت، ومع التكيف السليم مع نظام ضريبة القيمة المضافة وفهم آليات التعامل معها، ستتيقن الشركات من أن هذا النظام يشكل ركيزة داعمة للنمو والاستقرار الاقتصادي في المملكة.
أسئلة شائعة
ما هو تأثير ضريبة القيمة المضافة على الاقتصاد السعودي؟
ولضريبة القيمة المضافة تأثيرًا كبيرًا وواضحًا على الاقتصاد السعودي؛ حيث دفعه إلى مزيد من الاستقرار؛ وذلك نتيجة لتعزيز تنوع الإيرادات غير النفطية؛ الأمر الذي يحقق التوازن المالي للدولة، ورغم زيادة الأسعار في السوق إلا أن هذه الزيادة مؤقتة، كما أن فرض الضريبة هي خطوة هامة نحو اقتصاد أكثر استقرارًا وتوازنًا.
هل يوجد ضرائب على الشركات في السعودية؟
نعم، توجد ضريبة القيمة المضافة وقيمتها 15% عند تجاوز حد الإلزام وهو 375 ألف ريال، وضريبة 20% على الأرباح في حين تخطيها المليون ريال بشرط زيادة رأس المال عن خمسة ملايين ريال، بالإضافة إلى الزكاة المفروضة على الشركات ذات الملكية السعودية وقيمتها 2.5% من صافي الربح.